السبت، 3 نوفمبر 2012

ايفو اندريتش وجسر على نهر درينا




بدأت علاقتى برواية جسر على نهر درينا بسماع اسم الرواية او اسم مؤلفها يتردد دائما الا ما دفعنى بالتحديد الى قراءة الرواية هو من خلال قراءتى لكتاب اللحظات الفاصلة يوميات القلب المفتوح للروائى جمال الغيطانى حيث اصطحب معه عدة كتب اثناء سفره لاجراء العمليه الجراحية فى الولايات المتحدة من هذه الكتب هذه الرواية و طلب ان يدفن مع تلك الكتب فى حالة و فاته متأثرا بذلك بالقدماء المصريين .
اكثر من مرة قرات عن الرواية من جمال الغيطانى حيث سرد ذكرياته عنها ولانى اثق فى الغيطانى و فى ذائقته الادبية مكدبتش خبر و بدات رحلة البحث عن الرواية بحث شاق مضن فى النهاية وجدتها فى سور الازبكية .
بدأت قراءتى على الفور تبدأ الرواية بمحاولة من الكاتب فى رسم لوحة لمكان الاحداث و تحديدا اين يقع بلد بطل الرواية و البطل هنا ليس انسان او حتى مجموعة من البشر يتصارعون على شئ ما انما البطل هو الجسر ذلك الجسر المعنون باسمه الرواية لم يحدث من قبل ان يكون بطل عمل ادبى ما جماد و ليس انسان افهم ان يكون البطل المكان كرمز كرواية عمارة يعقوبيان مثلا البطل العمارة و المقصود بها مصر ككل .
قبل بناء الجسر كان عبور النهر صعبا بتم بواسطة  مراكبى غريب الاطوار يعمل فى اوقات معينة و يتغيبب فى اوقات عدة  اما بعد بناء الجسر اصبح امر عبور نهر درينا ايسر بكثير على رغم المحاولات الفاشلة لاعتراض امر بناء الجسر و منعه من الاكتمال الا انه فى النهاية يكتمل و يصبح تحفة معمارية تفيد الناس على مر العصور و الازمان .
الملاحظ خلال صفحات الرواية ان الكاتب اعتمد على حكايات عدة لاتنتهى لاناس عاديون فلاحون تجار و غيرهم من الصرب و الاتراك و حتى اليهود كلهم ارتبطوا بشكل او باخر بالجسر و الجسر اثر فيهم و اثروا فيه بل اصبح جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية يوميا و فى معظم اوقات اليوم تجد من يجلسون على الكابيا التى تمتد بطول الجسر يجلس بالليل الشباب و المتعطلون يشربون الراكيا و يجلس بالمساء الكبار يستمتعون برؤية النهر و النسائم التى تهب عليهم بعد يوم عمل شاق .
تتناول الرواية عدة قرون ليس فترة واحدة و انما فترات عدة تبدأ بالعصر التركى الهادئ رغم ظلم الاتراك و فداحة الضرائب المفروضة مرورا بالاحتلال النمساوى المجرى للبلاد و اتسام ذلك العصر بالسرعة و جريان الاموال فى ايدى الشعب الى عصر النهاية و بداية الحرب العالمية الاولى و انهيار الجسر الذى ظل اكثر من ثلاثة قرون شاهدا على الكثير من الاحداث .
يلاحظ من خلال الاحداث تشابه كبير ان لم يكن كلى بين الواقعين البوسنى و الواقع المصرى نجد محاولات من الشباب لتوعية الفلاحين ليتخلصوا من ظلم الاحتلال و محاولة تنوير عقل الفلاح الغلبان المفترى عليه دائما و يتضح اوجه التشابه اكثر فى اواخر الرواية من خلال شخصية على الخجا ذلك التاجر ذو العقل مغلق دائما الذى يرفض كل ماهو قادم من الغرب لانه اولا قادم من المحتل وثانيا انه ضد الثقافة الاسلامية .
 بنية الرواية عموما اجد فيها تشابها بالف ليلة و ليلة من حيث ان الحكايات لا تنتهى و كلهم مرتبطين بشئ واحد او المؤثر او الشاهد على وقوع الحوادث هو الجسر و الكابيا الممتدة بطول الجسر التى شهدت الكثير من الحوداث مثل انتظار ممثلى الديانات لقائد فرقة الاحتلال عند نزول اولى القوات المختلة الى المدينة و تعميد بطرس على الكابيا ذلك الفلاح التى ينتهى اجله بطلقة فى راسه ظلما اثناء الاضطرابات و الحرب العالمية الاولى .
لعل من ابشع و اصعب مشاهد الرواية مشهد الخوزقة و انتقام عابد اغا من الفلاحين حيث علق رؤسهم على الكابيا 
الخلاصة : رواية فذة بكل المقاييس متعتة قرأتها لا تضاهى و فى النهاية لا انسى جهد المترجم المتميز سامى الدروبى الذى اخرج هذا العمل البديع فى ابهى صورة دون ان يخل بالنص الاصلى .

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

الفيل الازرق حينما نتجول داخل مستشفى العباسية على ظهر فيل

-->

 قرأت مؤخر رواية الفيل الازرق للكاتب احمد مراد وهذا بعض من اثار القراءة الاولى :
لا احب ان اتقمص دور الناقد لانى فى الحقيقة بعيد كل البعد عنه ولكن فى هذه الرواية لن اتقمص شخصية الناقد ولا شخصية المحرر الصحفى الذى يعرض ملخص الرواية على صفحات الجريدة التى يعمل فيها ببساطة ساسرد موقفى منها كقارئ ليس الا ولا اكثر ولا اقل
تبدأ الرواية باستلام يحيى الطبيب النفسى فى مستشفى العباسية للصحة النفسية خطابا من ادارة شئون العاملين ينذره بالفصل نظرا لانقطاعه عن العمل طيلة خمس سنوات متصلة فيضطر بعد مقابلة المديرة ان يرجع للعمل قترشح له ان يستلم عمله الجديد فى قسم 8 غرب القسم المخصص للكشف على المجرمين الذين يشتبه فى كونهم يعانون من مرض عقلى اثر على قواهم العقلية مما دفعهم الى ارتكاب الجريمة ولمن لا يعرف هذا القسم فهو يقع تحت حراسة مشددة ولا يجوز لاى احد الدخول اليه
كل هذا والرواية تسير فى اطارها الطبيعى فنتعرف على حياة يحيى عن قرب حيث يتضح من اول صفحة فى الرواية انه سكير ويعانى من الاكتئاب بعد وفاة  زوجته و طفلته الرضيعة فى حادث سيارة كان هو السبب فيها حيث كان يقود السيارة وهو مخمور ويسير على سرعة 160 كم
يعرض عليه فى المستشفى ان يختار احدى الحالات الجديدة فيقلب الملفات بعدم اهتمام الى ان تلتقط عيناه صورة صديق قديم له يدعى شريف الكردى متهم فى جريمة قتل زوجته ودفع المحامى الخاص به الى انه لم يكن فى وعيه عندما تخلص منها بالقائها من شرفة منزلها فى الطابق الثلاثون
يحاول يحيى التحدث الى صديقه فيفشل فى انتزاع حتى حرف واحد منه الى ان ينجح فى النهاية فى التحدث اليه ولكن تكون المفأجأة الاولى ان صديقة شريف لم يكن يحدثه بصوته كان يحدثه بصوت مختلف ويطلب منه ان يناديه باسم نائل وليس شريف فيستجيب يحيى لرغبته .
يخبر يحيى الدكتور كيلانى رئيس القسم ان شريف يعانى من حالة ازدواج فى الشخصية ولكن الدكتور الكيلانى يشك فى صحة هذا الكلام حيث ان شريف طبيب نفسى ويعرف الاعراض جيدا ويمكنه من تمثيل الدور بشكل متقن ولكن لا يجوز ان ينخدع بمثل هذه الحيل فى النهاية يستجيب الدكتور كيلانى لطلب يحيى فيتركه يكمل فحوصاته عليه
تسير الرواية على اكثر من محور المحور الاول يحيى الان وحياته بعد وفاة زوجته وابنته واتجاهه لادمان الخمر والمخدرات
والمحور الثانى شريف الكردى وجريمة القتل هل ارتكبها ام لا ومحاولة يحيى حل اللغز ممايدفعه لمناطق اخرى مجهولة تصيب القارئ بلوثة عقلية ولكن ممتعة
المحور الثالث علاقة يحيى القديمة بلبنى شقيقة شريف والتى لها دور محورى اثر على شخصية يحيى طول الرواية حيث فشل زواجه من نرمين زوجته الراحلة بسببها لانه لم يستطع نسيانها ويتضح هذا اكثر واكثر فى نهاية الرواية
الغريب حقا فى الرواية هو النهاية وطول الرواية تسأل نفسك من المريض من الممسوس شريف ام يحيى ام انه يحلم
حيث بدات الرواية بتاريخ 30 اغسطس وانتهت فى تاريخ 30 اغسطس ولكن الجميل انه ترك باقى التاريخ لم يذكره
يوجد تسأولات كثيرة حول الرواية اهمها النهاية ولكن الاجمل ان النهاية مفتوحة والكل يختار النهاية التى تروقه
يجب ان نعترف ان احمد مراد تغير اسلوبه وتطور للافضل عن روايته الاسبقة تراب الماس واستخدم  تقنييات فى الكتابة دفعته لاظهار ابراز موهبته بشكل صحيح ولافت للنظر
نجح فى اظهار شكل السكير بشكل صحيح تماما وان كان صادم احيانا حيث نجد الرواية مليئة باسماء الخمور ولكن هذا واقع السكير مؤلم
نجح فى جذبك من الغلاف للغلاف حتى تسترد انفاسك مجددا وهذا يحسب له